مساهمة القضاء الدستوري في تمكين المرأة

Abstract

  تمثل الوثيقة الدستورية الأساس القانوني لحقوق الأفراد وحرياتهم دون تمييز لعرق أو جنس أو دين أو انتماء، وتهدف القواعد الدستورية الى رعاية تلك الحقوق المتنوعة ضمن منظومة من المبادئ والقيم تكون في مصاف المعايير الأسمى داخل الوثيقة الدستورية بعبارات عديدة يشيع استخدامها، كحقوق الإنسان، والحقوق الأساسية، والحقوق العامة؛ لتحقيق التنمية المستدامة لهم ومسايرة التطورات التي تشهدها الدول على مختلف الأصعدة، ومن ذلك بزوغ دور المرأة في التنمية واتاحة الفرصة لها للمشاركة الفاعلة في الحياة العامة أُسوة بالرجل باعتبارها نصف المجتمع، ألا أنَّ تلك القواعد الدستورية قد يعتريها بعض الغموض في صياغتها؛ لتواكب معطيات الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي مما يجعل منها قواعد معقدة ينبغي تفسيرها من قبل القضاء الدستوري عند النظر في دستورية القوانين؛ باعتباره الضمانة الأساسية لها.

وهنا يكون للقضاء الدستوري دوراً بارزاً في صيانة المبادئ الدستورية وكفالة الحقوق والحريات ومساهماً فاعلاً في تجسيد دور المرأة في الحياة العامة وإحاطتها الرعاية البالغة وتمكينها قانونياً لتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، واتاحة الفرصة لها للمشاركة الحقيقية في الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها، من خلال سلطة القضاء الواسعة في الرقابة الدستورية على القوانين وتفسير النصوص الدستورية وبيان الحكمة منها، عن طريق الكشف عن محتوى القواعد الدستورية التي تكرس ذلك الحق وفحص التقييد التشريعي للتأكد من مطابقته للدستور، أو بالغوص في روح تلك النصوص، وانشاء قواعد دستورية وقانونية تمكن المرأة وفق القانون للممارسة دورها وحقها في الحياة العامة، إذ غالباً ما يتم النص على الحقوق بصيغ عامة وفي شكل مبادئ تحتاج لتحديد مضمونها، ولأداء هذه المهمة ينطلق القاضي الدستوري من عدة ضوابط، فهو لا ينظر لهذه الحقوق من منظور فردي، بل يحلل النصوص الدستورية وفقاً لمتطلبات النظام العام والمجتمع والمرأة ذاتها.