المجرم والضحية والفعل الإبادي في الرواية العربية رواية الحرب الأهلية أنموذجًا

Abstract

يهتم البحث بدراسة تمثلين اثنين من تمثلات الأنا والاخر في رواية الحرب الأهلية وهما كلٌّ من  المجرم والضحية، إذ تكشف لنا النصوص الأدبية طريقة التفكير والنظرة القيمية التي تؤثر في مفهوم التعايش الاجتماعي للجماعات والافراد في ظل الأزمات، مما يؤدي لممارسة أفعال ذات طبيعة إبادية. وتعالج هذه الاشكالية في عدد من الروايات العربية مثل رواية إبراهيم الكوني "فرسان الأحلام القتيلة" ورواية "أموات بغداد " للروائي العراقي جمال حسين، ورواية " كوابيس بيروت" للروائية غادة السمان ، ورواية " بغداد مالبورو " للروائي نجم والي وروايات عراقية سلطت الضوء على أحداث الإبادة الجماعية للكورد في العراق وغيرهم. تستدعي الأفعال الإبادية وجود صلة ما بين الأنا والآخر ؛ لذا فالآخر الذي نتعقبه بالبحث ليس الآخر البعيد، الناجز في غيريته، الذي يتأسس عليه جانب كبير من الدرس الفلسفي، بل غير الناجز الغيرية، أو الملتبس الغيرية بـ(الأنا) الذي يجب تأسيس غيريته باستمرار، من أجل تأسيس لبنات الذات؛ فالآخر الذي يؤسس الذات ويُعدُّ فاعلًا فيها؛ هو الآخر القريب، الذي لا يحمل بوضوح حاسم ملامح غيرته، ويمكن أنْ يكون صورة للأنا؛ لذا فإنَّ هذا الآخر يمثل وجهًا للذات وفي الوقت نفسه؛ فإنَّ الابتعاد عنه وإقصاءه ليس سوى الخوف من الوقوع في تماثله.

كما إن موقع الآخر الإشكالي الذي هو القريب (الحميم) والبعيد (العدو) في آن واحد يربك التسميات المحددة لهويات الشخصيات الروائية، ويؤدي هذا الارباك لإبراز إشكالية قيمية تتمثل في طريقة النظر إلى قيمة العدالة، فعندما تعيش الضحية تحت عُقدة الظلامة، وعندما يبرر القاتل فعله بأعذار عرفية أو سياسية أو دينية؛ يعني ذلك أنَّنا أصبحنا أمام أفعال بشرية تدفع للقيام بالفعل الإبادي*؛ أي القتل الجماعي على أُسس عرقية أو دينية أو طائفية...الخ. ممّا يعني أنَّ المحور الرئيسي لمراجعة جميع المفاهيم والنقط البحثية أعلاه يتمثل في ملاحقة فعل (القتل) لاسيما فعل القتل العنيف ذي الطابع الإبادي الذي يشيع في الحروب الأَهلية، ففعل القتل مرصد رئيس نطّلع به على شخصيات الحرب الأهلية؛ لشيوعه ظاهرة واضحة في معظم رواياتها، ولغناه؛ فهو يكشف غور النفس الإِنسانية، ويطل بها على التاريخ والسياسة، والطبيعة البشرية. وهو ما يوضح مراحل تشكل الأنا وانشطارها، ويبين طبيعة علاقتها المشتبكة بالآخر.